المواكبة الإعلاميّة
الشعب عدد 1744 27-04-2023
الملخّص
في الوسع أن نلمس لدى فلاسفة الإسلام تفاعلا بين علوم الفلسفة العقليّة بآلتها المنطقيّة، والدين بعلومه الشرعيّة وطرق استدلالها. ومن أبرز هذه العلوم علم أصول الفقه، الذي جلب اهتمامهم بصفة خاصّة. ولعلّ ذلك كان بحكم طابعه التجريدي والعام من حيث موضوعه الذي يبحث في أصول الأحكام ويضبط قواعد استنباطها. وقد حدث هذا التفاعل في مرحلة نضجَ فيها هذا العلم، عندما نظّر أصحابه للأصول التي يستمدّ منها التشريع، وحدّدوا القواعد المتّبعة فيه، ثمّ نضج وتطوّر إلى أن بلغ درجة النسقيّة. ونجد هذا الاهتمام لدى الفارابي بصفة خفيّة في استعماله لـرسالة الشافعي، ولدى ابن رشد بصفة جليّة في تلخيصه لـمستصفى الغزالي، كلّ على طريقته. ونحن نقترح هنا أن نتحدّث عن ابن رشد في علاقته بعلم أصول الفقه وعلى وجه الخصوص بالمذهب الظاهري داخله. ولن نتناول هذا المذهب في جانبه النظري، أي الذي موضوعه العقائد، وإنّما في جانبه العملي، أي الذي موضوعه الفقه وأصوله، على حدّ ما يعرضه ابن رشد في كتابه الضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى. ونبدي ملاحظات في الغرض تخص محاكمة فيلسوف قرطبة وقاضيها بين الظاهريّة وخصومهم، فيما يتعلّق بصحّة القياس ومدى وجوب اعتماده في استنباط الأحكام الشرعيّة.