واكب روّاد المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” يوم 23 نوفمبر 2022 لقاء فكريّا يجمع بين التأمّل الفلسفي والتأريخ من خلال محاضرة حول المقاربة الإبستيمولوجيّة للتصوّف لدى ابن خلدون، قدّمها أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسيّة والمجمعي مقداد عرفة منسيّة بعنوان النبع والغدير والجدول: إبستيمولوجيا التصوّف وتاريخه في كتاب المقدّمة لابن خلدون.
افتتح اللقاء رئيس قسم الدراسات الإسلاميّة بالمجمع الأستاذ احميدة النيفر منزّلا المحاضرة ضمن سلسلة اللقاءات والأيّام الدراسيّة والندوات التي ينظّمها القسم حول دراسة الظاهرة الروحانيّة، وأكّد خلال إشرافه على فعاليات اللقاء على أنّ القسم سينظّم في بداية شهر ديسمبر القادم تظاهرة كبرى حول إشكاليّة الظاهرة الروحانيّة في الثقافة الإسلاميّة، وذلك على امتداد يومين دراسيين. وطرح الدكتور منسيّة المختص في الفلسفة الإسلاميّة إشكاليات تؤكّد جمع ابن خلدون في تناوله للتصوّف بين تأمّلات الفلسفة ومناهج الفلاسفة من جهة، وتقنيات المؤرّخ من جهة ثانية، لذلك وردت مقاربته ذات طابع إبستيمولوجي، إذ لم تكتف برصد مسارات فعل التصوّف بل اهتمّت بماهيته وببنية حقائقه. كما أشار المحاضر إلى أنّ ابن خلدون لم يهتم بالتصوّف في الفصل السادس من المقدّمة فحسب، إذ كرّر طرح قضاياه في أكثر من موقع، بل خصّص له كتابه “شفاء السائل وتهذيب المسائل” مؤكّدا تمسّك الفكر الخلدوني بعلميّة علم التصوّف لأنّه يتّسم في نظره بمقوّمات المبحث العلمي مثل العقلنة وقابليّة إدراك ماهيّته. وأثار عديد الحاضرين أسئلة حول تمذهب ابن خلدون، وسبل التحصيل المعرفي عبر مفاهيم خلدونيّة مثل “الينبوع” و”الحوض” والجدول” تلك التي استخدمها مجازيا العلاّمة عبد الرحمان ابن خلدون في وصفه لتجربة تشكّل الفعل المعرفي لدى الذات المتأمّلة.
المواكبة الإعلاميّة
Le Temps 23/11/2022
ملخّص
نقترح هنا أن نراجع الكلام الذي خصّ به ابن خلدون التصوّف في الفصل السادس من الباب الأول من “المقدمة”، مراعين في ذلك التمشي العام الذي انتهجه في حديثه عن علم علم، من حيث تمييز موضوعه وبيان مسائله وعرض براهينها، جاهدين في أن نفصّل حديث صاحب “المقدمة” بحسب الأغراض التي كان يؤمّها، إلى حديث المنظر، وحديث المؤرخ، وحديث المتمذهب، وحديث الفاحص لأحكام العقل والشرع في هذا العلم وفي تعاليم مدارسه.
غايتنا هي أن نسعى إلى أن نفهم جوانب من هذا الفصل، وأن نبرز خصوصية القول الخلدوني في الغرض، وأن نبيّن عناصره وتكاملها، والقيمة التي يكتسيها في نظرنا، والكيفية التي ييسّر بها على من ليس من أهل التصوف، وهو حال جُلِّنا، تحصيل بعض معرفة به.
