الملخّص:
من الشهرة بمكان أنّ الفارابي خصّص فصلا من كتابه إحصاء العلوم عالج فيه علميْن إسلاميّيْن بامتياز، وهما علم الكلام والفقه، باعتبارهما أداتتيْن ألحقهما بعلم فلسفيّ عمليّ، وهو العلم المدنيّ. وإذا ما تمعنّا في بقيّة نصوصه، تفطّنّا إلى أنّه استغلّ بصفة خفيّة علمًا آخر، فلم يذكره صراحة، وهو علم أصول الفقه. وكان معتمده في ذلك رسالة الشافعي. ونقترح هنا أن نصف الطريقة التي عالج بها هذا النموذج الأوّليّ للتآليف في هذا العلم وسوّغه، حتّى تسنّى له استغلاله فلسفيّا. وندرك بذلك أنّ المعلّم الثاني أخذ العلوم الإسلاميّة على محمل الجدّ ودرس أمّهاتها وتعمّق فيها، وأخذ على عاتقه أن يصوغ بانتمائه الفلسفي معطيات التاريخ الخاصّ بأمّته. وهذا من شغل الفيلسوف.
المواكبة الإعلاميّة