ملخّص الكتاب
طالما شغلت مسألة “أصل فكرة الشّر” ومأتاه الفلاسفة والمتكلّمين ورجال اللاهوت، فكانت مثار نقاشات ومضمار اختلافات تركت كمّا هائلا من الكتابات والنّصوص التي تطرح إشكاليات عديدة تستحقّ النّظر والتّمحيص والاهتمام. ولعلّ “كتاب أخنوخ” من الكتب المهمّة في هذا السّياق لأنّه يطرح فكرة طريفة مفادها أنّ “أصل فكرة الشرّ” على الأرض من الملائكة الذين نزلوا إليها وتدنّسوا بمضاجعة بنات البشر وعلّموهنّ مختلف الأسرار والصنائع التي بها يصير الإنسان قادرا على ممارسة الشّر على عكس الدّيانات التي تروي لنا قصّة أدم وحواء في الجنة وحكاية إغواء الشيطان أو الحيّة لحواء التي تقوم بدورها بإغواء آدم ليأكلا من “شجرة الخلد” فتنفتح أعينهما ويدركان الخطيئة والشّر. ولئن اتّفقت اليهودية والمسيحية والإسلام في ذكر هذه الحادثة فقد اختلفت في التّفصيلات وبالتّالي في طريقة تمثّل أصل فكرة الشّر. وبما أنّ “أخنوخ” في اليهودية والمسيحية الذي هو “إدريس” في الإسلام قاسم مشترك بين هذه الأديان فقد صار من المشروع النّظر في تمثّل “كتاب أخنوخ” والكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد والقرآن لمسألة “أصل فكرة الشّر” وعقد المقارنات بينها بشكل يكشف عن الكثير من التّقاطعات كما يبيّن حجم الاختلاف أيضا. ولقد أدّى النّظر في هذه المصادر وفي غيرها من المراجع إلى محاولة الكشف عن العلاقة بين تمثّل كلّ دين لأصل فكرة الشّر وبين منهجه التربوي والأخلاقي. وقد قام العمل على استقصاء النّصوص ومساءلتها وعلى عقد مقارنات دقيقة أفادت في الوصول إلى نتائج جمّة وفتحت الباب لطرح إشكاليات جديدة ومتجدّدة أمام الباحثين والدّارسين.
المواكبة الاعلامية