الجمود والتجديد في قوّتهما
لماذا لا يكون لكم إلاّ عمل واحد هو هدم كل فكرة يبديها غيركم لمصلحة الأمّة . . وتسمّون المجدّدين بالهدّامين، ويكون عكس هذا أنّكم أنتم البنّاؤون؟ تلك هي الإشكاليّة التي طرحها الطاهر الحدّاد في نصّ مجهول نشره مجمع “بيت الحكمة” ويؤكّد الأستاذ عبد المجيد الشرفي في التقديم العثور على هذه الوثيقة ضمن الآثار التي خلفها صديق الحدّاد أحمد الدرعي . يعتمد الحدّاد أسلوبا ساخرا يترجم جمود الوثوقيين وفوضى المفاهيم و”استعمال الدين آلة لإنزال سخط العامة الذين هم أحوج إلى الإرشاد الصحيح من أن نستعملهم آلات قتل”، ويوضّح عداء المضلّلين لكل تجربة تحديثيّة وتحرّريّة، إذ تشهّر تلك القوى الجامدة بالعلماء والمفكرين التنويريين وتلعن من حرّم الرق لأنّه حرمها من مقوّمات العيش الرغيد، ولا يستوعب الوعي المغلق المرأة إلاّ “كمخلوقة طائشة” وناقصة عقل ودين وميراث وفي هذا السياق يتهكّم المؤلّف من هؤلاء واصفا إيّاهم بالمفسدين والعابثين “بشرع الله”، ومن الطبيعي أن يقود هذا الجمود برأيه إلى “التطوّر إلى الأسفل” . كذا هو كتاب “الجمود والتجديد في قوّتهما” وكأنّه المرآة التي عبرها نشاهد ما يحدث اليوم من حملات تكفيريّة تستثمر كل المنابر لمصادرة التفكير النقدي والمقاربات التجديديّة .