في إطار سلسلة اللقاءات التكريميّة للرموز العلميّة والفكريّة، وللأكاديميين الراحلين، نظّم المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” يوم الأربعاء 29 نوفمبر 2023 أربعينيّة الفقيدة منيرة شابوتو الرمادي (27 أفريل 1942-22 أكتوبر 2023) المجمعيّة، والرئيسة السابقة لقسم العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة ببيت الحكمة على امتداد دورتين، والمؤرّخة التي تعتبر وفقا لعديد الباحثين المختصين من المؤسّسين للجامعة التونسيّة.
وبهذه المناسبة التكريميّة للراحلة أصدر المجمع مؤلّفا يتضمّن مجموعة من الشهادات، والنصوص المتعلّقة بمسيرتها العلميّة والنضاليّة، والصور التذكاريّة “لأوّل مؤرّخة جامعيّة في تونس المستقلّة” كما ورد في نصّ توديعيّ لرئيس المجمع الدكتور محمود بن رمضان. بل هي “سيدة نساء الجامعة التونسيّة والمدرسة الأم في التاريخ الوسيط” على حدّ تعبير الأستاذ محمد الناصر صديقي، في وصفه للفقيدة، تلك التي ترجّلت في نظره بعد أن تركت مشروعا معرفيّا ومنهجيّا أجمعت حوله جلّ المداخلات باللغتين العربيّة والفرنسيّة. فلم تكن الراحلة مجرّد موظّفة امتهنت التدريس أو باحثة تقليديّة، بل كانت متمكّنة من المناهج المعرفيّة الصارمة، ولعلّ هذا ما ركّزت على محتوياته مداخلة الأستاذة سهام الدبابي الميساوي، مذكّرة بعلاقة إنسانيّة عميقة انطلقت بلقاء غرضه بالأساس البحث العلمي.
تلك هي فقيدتنا منيرة شابوتو الرمادي، القامة العلميّة المشعّة وطنيّا، وإقليميّا، وعالميّا بوصفها أستاذة زائرة تقدّم المداخلات العلميّة والمحاضرات الأكاديميّة في جامعات عربيّة وغربيّة، ممّا جعلها محلّ تكريمات دمشقيّة، وعربيّة، وفرنسيّة، وغربيّة متعدّدة. ولأنّها على هذا النحو “يحجّ إليها الطلبة طلبا لعلمها .. وهي مناضلة في الصفوف الأماميّة دفاعا عن الحريات والمساواة” كما عرّفتها الأستاذة هالة الورتاني في نصّ بعنوان تجليات منيريّة: حديث اللغز والذاكرة.
فمن الطبيعي جدّا أن تغادر الفقيدة جسديّا، لكنّها ستظلّ حاضرة بوصفها مسيرة من العطاء، لذلك تساءلت زميلتها المجمعيّة علياء بكّار برناز في نصّ ناطق بالفرنسيّة كيف أنسى منيرة التي عاشرتها حقبة تفوق نصف القرن؟