في إطار الشراكة العلميّة مع الأكاديميّات والمؤسّسات الفكريّة والعلميّة المختلفة ينظّم المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” عديد الأنشطة بالتعاون مع هذه المؤسّسات التونسيّة والعالميّة. وفي هذا السياق نظّم قسم العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة ببيت الحكمة لقاء فكريّا بالشراكة مع معهد تونس للفلسفة، قدّم خلاله الأستاذ لطفي عيسى محاضرة حول تاريخ الخوف في الثقافة العربيّة الإسلاميّة: زمن للشدّة وآخر للفرج، مؤكّدا ارتباط فعاليّات الخوف “بسجلّ المدركات والانفعالات” باعتباره مثيرا بالضرورة لردود الأفعال السيكولوجيّة والعضويّة، إذ تظلّ لحظة الخوف مرتبطة عضويّا بوقائع وأحداث أليمة غالبا ما تحوّل الذات البشريّة إلى كيان فاقد للطمأنينة ممّا يحوّله في بعض السياقات إلى كائن عنيف أحيانا وانطوائيّا أحيانا أخرى.
وغالبا ما ترتهن ثقافة الخوف بالمحيط الطبيعي وغموض نظام الكون ممّا يفسّر سرمديّة خوف الذات عموما بقطع النظر عن سياقها الثقافي ولعلّ هذا ما اختزله مرلو-بونتي في قوله “إنّ الإنسان نقطة ضعف في قلب الوجود”.
المواكبة الإعلاميّة
المغرب 22-03-2023
Le Temps 19-03-2023
الصباح 14-03-2023
Le Temps 14-03-2023
الملخّص:
ما من شكّ في تماثل سجل المدركات والانفعالات أو ردود الأفعال الحسّية والوجدانية إزاء الخوف من الفناء والتهيّب من حتمية النهاية على امتداد التاريخ الكوني. فالثقافة التقليدية التي غالباما ردّت أسباب ذلك إلىتصوّرات فاجعة، هي التي تمّ تغليبها في التعامل مع مثل تلك المشاعر التي انتابت البشرية نظرا لصعوبة تقبّل مثل تلك الوقائع والاحداث الأليمة. ومع ذلك فقد تواتر الاعتقاد في تلازم الشدة مع الفرج ضمن الثقافة العربية الإسلامية، وهي قناعةراسخة تحيل على تصورات دينية سحيقة وطقوس زراعية ضاربة في القدم، عاينتها بأشكال متباينة مختلف الحضارات التي ازدهر تعلى ضفاف البحر البيض المتوسط، حتى وإن لم يمنع ذلك بالتوازي من تشكّل تدريجي لتصوّرات مفارقة تحيل على أشكال تدبير عقلانية لنفس تلك الظواهر المخيفة.
علىأن التمثلات التي ينطوي عليها عصر ما بعد الحداثة كونيا لم تقطع مع هذه الهواجس، وتأثرت سلبا بخلخلة الثالوث الناظم لمرحلة الحداثة ونقصد الإعلاء من شأن الفردانية والالتزام بالعقلانية والاعتقاد في التقدم، تلك التي تم الاستعاضة عنهاحاضرا برد الاعتبار للجماعة والتركيزعلى أهمية المشاعر في إدراك الواقع، مع الاعلاء من مكانة الحاضر أو الراهن على حساب ما سواه، مما يشي بهشاشة النظام الكوني حاضرا واتسام التمثلات القائمة لدى الأجيال الجديدة بكثير من التهيب منالمستقبل، وتلوّن جمالياتها بمأسوية سوداء تؤذنبمزيد من الانطواءوبتعاظم منسوب الخوف والعنف والعدوانية.