تظلّ الأسئلة ذات العلاقة بالشأن الديني موغلة في البعد الإشكالي لأنّ القضايا الدينيّة متصلة بالمحظور لدى بعض البنى الذهنيّة والنفسيّة والإيديولوجيّة، إلى جانب خصوصيّة كل مقاربة للمسائل الدينيّة نظرا إلى تعدّد الخلفيّات والمرجعيّات الفكريّة والفلسفيّة. وفي هذا السياق واكب رواد المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” يوم الخميس 16 جانفي 2020 لقاء فكريا، قدّم خلاله الباحث من جنوب إفريقيا عبد القادر طيوب محاضرة بعنوان ” تساؤلات في دراسة الأديان: ايجابيات وسلبيات”. وقارن المحاضر بين استعمال الدين باعتباره مصطلحا علميا في دراسة الأديان الحديثة واستخدامه في الخطاب الاسلامي المعاصر والقديم، كما شدّد في أطروحته على أنّ دراسة الدين السائدة في السياق الفكري الغربي قائمة على نظام اصطلاحي مرتهن بخلفيات حاضنته الفكريّة.
افتتحت اللّقاء الدكتورة منيرة شابوتو الرمادي رئيسة قسم العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بالمجمع، معرّفة بالسيرة الذاتيّة للمحاضر، وأنشطته الجامعيّة في جنوب افريقيا وفي مراكز البحث الغربيّة وبحوثه المهتمة بالدين وخاصّة بالإسلام. واهتم المحاضر بمظاهر القداسة المميزة للمزارات المحافظة على فاعليتها وسلطتها الروحيّة، منطلقا من مزارات شعوب مختلفة مثل الشيخ يوسف الأندونيسي في القرن السابع عشر الميلادي، الذي أضحى قبره مزارا، وترسّخت قداسته حسب الأستاذ عبد القادر طيوب عبر الطقوس والممارسات العابرة للحدود من خلال الأنشطة التجاريّة والسياحيّة.
باختزال شديد يستمد المزار سلطته في الثقافة الدينيّة وفقا للمحاضر من القداسة، ويستمدّ المقدّس نفوذه من الممارسات والطقوس، لذلك تكون الأديان بحاجة إلى وعي تساؤلي من أجل فهم نشأة طقوسها، وهذا ما تناولته أسئلة المتدخلين والباحثين الذين واكبوا فعاليّات الأمسية الفكريّة.