تنظّم الأقسام العلميّة بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” على امتداد المواسم الأكاديميّة المتتالية سلسلة لقاءات تقديميّة للمؤلّفات، وفي هذا الإطار نظّم قسم الدّراسات الإسلاميّة يوم الإثنين 07 أفريل 2025 لقاء فكريّا، قدّمت خلاله الأستاذة حياة عمامو مقاربة تحليليّة لكتاب ” صحيفة المدينة: إسلام مهمّش” للمجمعيّة ناجية الوريمي، الصادر مؤخّرا عن بيت الحكمة ودار الجنوب.
وتتطرّق الباحثة في مؤلّفها ” صحيفة المدينة: إسلام مهمّش” وفقا لفعاليّات اللّقاء إلى حدث تعاقديّ بين قوى قبليّة ودينيّة في يثرب، ضمانا للتعايش السلميّ بين تلك المجموعات القبليّة والمقاربات الدينيّة المتنوّعة، ومن أجل تحصين الوضع الداخلي ضد كافّة أشكال الاعتداءات الداخليّة والخارجيّة. كما تهتمّ المؤلّفة بمحدوديّة اهتمامات المؤرّخين بهذه الوثيقة ومظاهر توظيفها إيديولوجيّا.
صفوة القول تقدّم الكاتبة طرحا نقديّا “للسرديّات الإسلاميّة” والدراسات العربيّة النقديّة نظرا إلى عدم اهتمامها بالصحيفة بوصفها وثيقة هامّة في مسار الرسالة المحمديّة والخطاب الفقهي، بينما كانت محل اهتمام من المستشرقين، الذين خصّصوا لها بحوث ومقالات وكتب، اقتناعا منهم بثراء مضامينها المؤصّلة لقيم التسامح، والموثّقة لمسار تاريخي يتّسم بمنظومة إيتيقيّة، وسياسيّة وفقهيّة مؤثّرة في الحقب التاريخيّة اللاّحقة.

يهتمّ هذا الكتاب بوثيقةٍ كان من المفروض أن تحتفيَ بها السرديّاتُ الإسلاميّة لأنّها جزءٌ من تاريخ الإسلام في المدينة، وهي “صحيفةُ المدينة” أو “كتابُ يثرب”. وموضوعُها معاهدةٌ عُقدت بين المجموعات الدينيّة والقبليّة في يثرب –إبّان الهجرة- بهدف إقرارِ السّلم داخليّا، والتعاونِ على دفْع الاعتداءات الخارجيّة. لكنّ المؤرّخين والمحَدِّثين لم يعتنوا بخبرها ولم يثبتوا نصّها رغمَ إقرارِهم بصحّتها. فلم يتجاوز تعاملُهم معها إحدى طريقتَيْن: إمّا إهمالُها والسكوت عنها، أو إخضاعها لتحويرات مختلفة الغايةُ منها تطويعُها لمقتضيات المنظومة التي استقرّت لاحقا. ويُفهم هذا التهميش بالنظر إلى الدلالات العقديّة والتنظيميّة التي تفيدها هذه الوثيقة والتي لم تعُد تتماشى مع السائد: من قبيل أنّ مفهوم الإيمان مرِنٌ وموسّعٌ بكيفيّة تختلف كثيرا عمّا سيُقِرّه لاحقا إسلامُ الفقهاء والمتكلّمين؛ ومن قبيل أنّ دعوةَ الإسلام منفتحة على العقائد التوحيديّة وعلى التعاون مع أتباعها، خلافًا لتحوّل هذه الدعوة –على أيدي المؤسّسة- إلى حركةٍ تفرض على الجميع عقيدةً واحدةً وتأويلًا واحدًا؛ ثمّ من قبيل أنّ غايةَ الرسول من الهجرة إلى يثرب ما كانت تكوينَ “مُلكٍ” أو مشروعٍ سياسيّ، بل كانت التحالفَ مع القبائل اليثربيّة لنشر التوحيد، مع ما يعنيه التحالف من اشتراكٍ في اتّخاذ القرار.

المواكبة الإعلاميّة
الصباح 09-04-2025

جريدة المغرب الإلكترونيّة 08-04-2025

المغرب 08-04-2025

إذاعة تونس الثقافيّة 07-04-2025



إذاعة المنستير 05-04-2025
