اتّسمت مشاركة المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” في الدورة 36 لمعرض تونس الدولي للكتاب بالثراء، إذ شارك بمنشورات فكريّة وعلميّة وإبداعيّة مختلفة، كما برمج سلسلة لقاءات تقديميّة وتوقيعيّة لبعض الأعمال:
*تقديم كتاب : La littérature francophone en Tunisie : évolution, renouvellement et devenir | وذلك يوم الخميس 18 نوفمبر 2021. |
*تقديم وتوقيع كتابي : -الآثار الكاملة لأحمد الدرعي -الأغذية والأدوية لإسحاق بن سلميان تحقيق وتقديم وشرح: فاطمة الأخضر | وذلك يوم الجمعة 19 نوفمبر 2021 |
يتضمّن الكتاب الجماعي “الأدب الفرنكوفوني في تونس: التطوّر، التجديد والمصير” تحت إشراف الأستاذة علياء بكار برناز فعاليّات ندوة نظمّها قسم الآداب بالمجمع يومي 10-11 ديسمبر 2020، ويهتمّ الأثر بمسارات تطوّر هذا الجنس الأدبي، وأشكال تجدّده، ومدى إشعاعه عالميّا، كما يشخّص أهم خصوصيات الأشكال التعبيريّة الفرنكوفونيّة لدى المبدعين التونسيين من روائيين وشعراء ومبدعين.
وورد كتاب الآثار الكاملة لأحمد الدرعي في جزأين متميزين بطابع موسوعي، يحتوي الجزء الأوّل على كتابات أدبيّة ذات أجناس مختلفة قوامها المنزع التجديدي، ويتضمّن الجزء الثاني مقاربات فكريّة تحديثيّة سمتها جرأة الطرح وعمق التحليل، كاشفة أمر بلادنا العجيب “في ماضيها القريب وحاضرها”، فهي “تنتج الروّاد المبدعين، ولكنّهم في الغالب مغمورون بين قومهم” كما ورد في تقديم المفكر عبد المجيد الشرفي.
وتكشف الآثار الإبداعيّة والفكريّة لأحمد الدرعي حجم الخصومات الفكريّة والسياسيّة والنقابيّة التي خاضها القطب التنويري مع الدغمائيين الرافضين للتجديد والتغيير، كما توثّق أعماله الأدبيّة وأطروحاته الفكريّة نزعته التقدّميّة المقاومة لأنصار التقليد، فأغلب نصوصه كتبت في النصف الأوّل من القرن العشرين لكنّها تتكلّم لغة اليوم بكل دقّة ووضوح.
باختزال شديد تؤكّد الآثار الكاملة انتماء الدرعي للمشروع التحديثي السياسي والاجتماعي والديني والقانوني، إنّها رؤية إصلاحيّة شاملة تجاهلتها الحركة النقديّة وأنصفها مجمع “بيت الحكمة”.
أما كتاب الأغذية والأدوية فهو تحقيق وتقديم وشرح الأستاذة فاطمة الأخضر يشخّص منافع ومضار الأغذية المتنوعة، مبرزا مدى حاجة الأبدان والأمزجة المختلفة إلى أنظمة غذائية ملائمة لطبيعة بدن الإنسان ومزاجه ضمانا للتغذية السليمة. ويشدًد إسحاق بن سليمان في هذا السياق على ضرورة اعتماد المنهج العقلي والتجارب العلمية تجنّبا لغيبيات التنجيم، مما يؤكٌد عقلانية منطلقاته النظرية وعلمية مرجعياته المعرفية، إذ تترجم مضامين كتابه ادراكه العميق لثوابت الفكر العلمي في مجالي الأغذية السليمة والأدوية الناجعة. فلم يكتف بشرح نظريات أعلام الطب العالمي مثل دراسات أبقراط وجالينوس والكندي، ولم يقتصر على سرد فهارس المصطلحات الطبية وبحوث الأطباء، بل كان ناقدا ومطوّرا للعلوم الطبية. لذلك اعتبره المهتمون بتاريخ الطب من أبرز مؤسسي مدرسة القيروان الطبية، فهو من المؤمنين بمفاهيم نسبية المعالجة، والتداخل بين البيولوجي والنفسي، وتعدّد الأمزجة، تلك التي يهتم بها اليوم الطب المعاصر في معجمي الطب الاحتمالي والطب البديل.